أما التصريحات التي أدلى بها السيد الوزير للعديد من المنابر الإعلامية و التي نفى من خلالها عزمه على ضرب مجانية التعليم العالي، فهي غير مقنعة في كل الأحوال ، فالوثائق الرسمية تصر على هذا الإتجاه و الميثاق الوطني للتربية و التكوين واضح في مراميه.
بماذا يبرر الداودي مشروعه ؟ إن السيد الوزير يريد جعلنا نطمئن و يقول أن المؤسسات المعنية برسوم التسجيل تخص فقط كليات الهندسة والطب التي توفر مقاعد محدودة. أما المعنيين بأداء الرسوم فهم أبناء الميسورين فقط ، و هم أصلا من الذين يتابعون دراستهم في الخارج نظرا لعدم حصولهم على معدلات تتيح لهم ولوج التخصصات التي يختارونها فيضطرون لإتمام دراستهم في مؤسسات خارج الوطن بأثمان أقل بكثير من التي ستفرض هنا بالمغرب. ولتزكية موقفه يزعم الداودي – واثقا من نفسه- أن مجموعة من الآباء الميسورين قد أخبروه باستعدادهم لأداء واجبات التسجيل .
إن تصريحات الداودي التي من خلالها غير لهجة كلامه وعدل مواقفه - غير أنه لم يمس الجوهر - . لم تكن إلا نتاج الإستنكار و الإدانة التي أبداها العديد من الإطارات . ( الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ، النقابة الوطنية للتعليم العالي ، اتحاد الطلاب لتغيير النظام التعليمي ...)
لنرجع إلى مبررات السيد الوزير و نرى مدى تماسكها؟
إن رسوم التسجيل ليست وليدة اللحظة فقد كان إحداثها سنة 1983 لكن نضالات الشعب المغربي و على رأسها نقابة الطلاب – أوطم- حالت دون تعميم هذا الإجراء و دون بلوغ مراميه الحقيقية ( إلغاء المجانية )
أما مبرر الميزانية المرتفعة في المؤسسات التي ينوي السيد الداودي فرض الرسوم فيها فحق أريد به باطل. أولم يجد السيد الوزير غير رسوم التسجيل لتدعم ميزانية هاته المؤسسات ؟ لماذا لا يعتمد على عائدات محاربة الفساد ؟ أول لم يكن شعار حزب السيد الوزير في حملته الإنتخابية ؟ عفوا نسيت أن رئيس الحكومة و الأمين العام لحزب السيد الوزير قد طوى صفحة الفساد و المفسدين فقد قرر الصفح عنهم ، إنها نقلة نوعية مكوكية من محاربة الفساد إلى عفا الله عما سلف و ما سيأتي فالله وحده سينتقم منه – أي أن مبدأ المحاسبة منعدم في قاموس رئيس الحكومة.
هل يعقل أن تنطلي علينا خدعة أن رسوم التسجيل ستفرض على الميسورين و في نفس الوقت يحظى أبناء الفقراء بفرص ولوج مؤسسات التعليم العالي ؟ لا طبعا، فمادام السيد الوزير سيعول كثيرا على عائدات واجبات التسجيل فلن تشفع معدلات أبناء الفقراء لولوج التخصصات التي سيختارونها ، ويرجح أن يحدث مبدأ الكوطا للذين لا يؤدون رسوم التسجيل ، فلا يمكن التضحية بطالب ميسور سيدفع ما يطلب منه بطالب فقير لا يملك غير منحة هزيلة – محنتي-. المهم أن تكافؤ الفرص سينعدم تماما.
أما عن اقتصار فرض رسوم التسجيل على بعض المؤسسات فقط ( الطب- الهندسة...) فهذا سيكون مرحليا فقط فالسياسة التعليمية بالمغرب دائما تنهج خيار التدريج في كل مخططات الهجوم على التعليم العمومي من أجل تفادي أي رد فعل نضالي محتمل .
في مقابلة مع السيد الحسن الداودي في نشرة الأخبار استشهد بالميثاق الوطني للتربية و التكوين وقال أن الميثاق قد حدد سقف بداية تطبيق رسوم التسجيل في ثلاث سنوات , الإحالة في محلها سيدي الوزير ولكن الميثاق لم يحدد تطبيقها في المؤسسات التي ذكرتها فقط.
إذن السيد الوزير يريد تطبيق الميثاق بعد أن عجز من سبقوه عن ذلك( الداودي بغا إبين حنت إديه )
إن خلفيات الداودي إذن واضحة هي المزيد من تطبيق السياسات الليبرالية في التعليم و التي حددها الميثاق وقبل توصيات البنك الدولي و كذا التزامات المغرب مع منظمة التجارة العالمية و التزامه بالإتفاق العام حول تجارة الخدمات. إنه السير نحو تبضيع التعليم وإثقال كاهل الآباء برسوم التسجيل ونزع المصداقية عن التعليم العمومي أمام الدعم والتشجيع المتواصل للتعليم الخاص. أما أبناء الطبقات الكادحة فيوجهون نحو التكوين المهني في أحسن الأحوال.
إن مجانية التعليم -الغير مكتملة أصلا – في خطر ، مما يستوجب تظافر الجهود للدفاع عن مجانية التعليم و تحصين المكتسبات . في هذا الصدد ينغي أن نشير إلى ضرورة دعم الخطوة النضالية التي قام بها ’’ إتحاد الطلاب من أجل تغيير المنظومة التعليمية) و الحث على اسمرارها ولما لا القيام بخطوات نضالية نوعية بداية الموسم الدراسي المقبل ، نفس المهام ملقاة على عاتق حركة 20 فبراير و النقابات و نقابة الطلاب- أوطم- و الحركة التلاميذية ، الآباء.... من أجل جبهة اجتماعية ضد خوصصة التعليم والقطاع العمومي ككل, من أجل تعليم مجاني وجيد للجميع .
رشدي
0 التعليقات:
إرسال تعليق